في نفس الليلة، كان نادر واقف قدام المراية، يحاول يقنع روحو أنو لازم يكون طبيعي. قلبو يخفق بقوة كيما عمرو ما حس بيه قبل، وكان يخاف من اللي باش يصير. خرج من الدار، لباسه بسيط، أما عينيه كانوا يحكيو حكايات مليانة اضطراب وشوق غريب.
سلمى كانت مستنياه قدام المكتبة. شعرها كان مسرح بطريقة فوضوية جذابة، وعطرها كان يطير في الهوا، يجبد كل الأحاسيس المكبوتة اللي عند نادر. وقت شافها، حس كيما إذا الدنيا الكلها وقفت على صوت خطواتها وهي تقربلو.
قالتلّو وهي تبتسم ابتسامة خفيفة: “جاهز؟”
نادر جاوبها بصوت شبه متقطع: “ديما معاك.”
مشاو على طول الطريق، والليل كان هادي كيما إذا القمر نفسه يتفرج على قصتهم. في مكان منعزل بعيد على الحومة، جلسوا على صخرة كبيرة، والقمر كان يعكس ضوّه على وجه سلمى بطريقة سحرية. نادر ما كانش ينجم يبعد عينيه عليها.
سلمى قربت أكثر، صوتها كان شبه همسة: “تعرف يا نادر… ديما نحس روحي نحب نحكي معاك حاجات ما نحكيها لحتى حد. أما الليلة… نحس اللي عندي رغبة نخليك تعرف كل شي.”
نادر، اللي كان مقيد بين الخجل والجرأة اللي يطلع فجأة من قلبه، جاوبها: “نحب نسمع كل كلمة منك… حتى لو كانت تخوف.”
سلمى، بعينيها اللي كانت تخفي ألف لغز، قربت أكثر وقالت: “وإنت يا نادر، شكونك بالضبط؟ ديما نحس اللي فيك حاجة مخبية، حاجة ما نجمش نقرأها كيما نقرأ الكتب.”
نادر ما قدرش يتحمل الغموض اللي زاد يكبر. قرب منها بطريقة كانت تخوف حتى نفسه. وقال بصوت مليان شوق، لكن فيه نبرة خوف: “سلمى… إنتي متأكدة اللي تحب تعرفي حقيقتي؟ خاطر إذا فتحت هالباب، ما نجمش نسكرو.”
سلمى ضحكت ضحكة غريبة وقالت: “وأنا نحب الأبواب اللي ما تتسكرش.”
في اللحظة هذيك، كان نادر يعيش حالة بين الواقع والخيال. لمس يدها، كانت دافية بطريقة غريبة تخليه يحس بالذنب والشوق في نفس الوقت. سلمى ما تحركتش، لكن نظراتها كانت تقول حاجات تتجاوز الكلمات.
نادر قرر يخاطر، قرب شفايفه منها، أما قبل ما يصير أي شي، سلمى رجعت لورا بخفة وقالت بصوت جدي لأول مرة: “نادر، الليلة هذه باش تكون بداية قصة جديدة. أما لازم تفهم اللي القصة هذي ما فيهاش نهايات سعيدة.”
كلامها كان كيما صفعة، خلا نادر يرجع لروحو للحظة، أما كان زادة يزيد يشعل النار اللي فيه. سلمى كانت تعرف كيفاش تلعب بالنار، أما نادر كان متأكد اللي النار هذي ممكن تحرقهم بجرة وحدة.
رجعوا للحومة، وكل واحد فيهم يخبي في أفكارو ومشاعرو. نادر كان يعيش حالة من التوهان، وسلمى كانت تلعب لعبة خطيرة. أما الحقيقة الوحيدة اللي كان يعرفها نادر هي أنو سلمى مش كيما أي بنت شافها في حياتو. والليلة هذه ما كانت إلا بداية لانحدار غريب نحو حاجة ما يعرفش وين باش توصل.